شعر مليكة مزان.. قليل من الأدب كثير من "اللاشيء"!

مليكة مزان

مليكة مزان . DR

في 23/09/2017 على الساعة 16:00

لا يكاد الرأي العام المغربي ينسى فضيحة ارتبط اسمها بالناشطة الأمازيغية مليكة مزان، حتى تخرج الاخيرة بفضيحة أشد وقعا، بعد أن ظل "اقترافها" للشعر دون أثر.. فمن تكون الشاعرة مليكة مزان؟ وفي أي خانة يمكن تصنيف أبياتها التي يتماهى فيها الديني والجنسي؟ وكيف صار أحمد عصيد موضوعها الواحد والأوحد؟

أصدرت مليكة مزان لحد الساعة ثلاثة دواوين شعرية، تضنف أغلب قصائدها ضمن الشعر المتمرد، وقد يرتدي هذا التمرد معطف الشوفينية أو اليمينية المتطرفة بل وقد يصل إلى حد تبني عنصرية مقيتة ضد باقي الأعراق.

عرفت مليكة مزان، التي سرقت الأضواء مؤخرا، ليس بشعرها، إنما بشريط فيديو تدعو فيه إلى وضع اليد مع الشيطان أو إسرائيل لطرد العرب وذبحهم، فداء للعرق الأمازيغي "أصحاب الأرض"، الفيديو قادها إلى أى أن تكون ضيفة على مخفر الشرطة، فتم إيقافها بشكل عاجل، وبقية القصة معروفة.

من سخرية الأقدار، أن مليكة مزان، التي وضعت سلاطة لسانها لمهاجمة ما تسميه التواجد العربي الإسلامي بأرض تامزغا، أن تكون هي نفسها مدرسة سابقة للغة العربية، ليس هذا فحسب بل والتربية الإسلامية، قبل أن تعرج بعد التجربة السويسرية على تدريس الفلسفة، وهنا نذرت لسانها فداء للإله "ياكوش" ضد "العربان رعاة الإبل".

في 2004 أصدرت مزان ديوانها الأول يحمل عنوان " جنيف .. التيه الآخر" ، من تقديم الناقد المغربي نجيب العوفي والباحث الأمازيغي أحمد عصيد، والديوان من وحي ˝هجرتها ˝، واغترابها بسويسرا.، نقرأ منه الأبيات التالية:

آه لو أعود فكم على شرفات الغربة أنكرتني ذاتي الجنوب ينادي لكن الثلج جميل ، الجنوب ينادي لكن .. القلب حيرة كبرى الجنوب ينادي لكن العودة دربها مليء بكل الأسئلة الصعبة

وفي شهر ماي من سنة 2005 أصدرت ديوانها الثاني : " لولا أني أسامح هذا العالم " ، ثم ديوانها الثالث : " لو يكتمل فيكَ منفاي " ، وهو مجموعة قصائد / رسائل مفتوحة إلى مناضل أمازيغي، لن نجد صعوبة في تكهن هويته.

ولعل ما جعل بعضا من شعر مزان يخلق الجدل، هو ما أعقب تصريحها الشهير باستعدادها لـ"جهاد النكاح" لصالح الشعب الكورديستاني بالعراق حتى ينال استقلاله، حيث نقرأ لها قصيدة بعنوان "بكل ما نملك من نهود ومؤخرات"، وأخرى بعنوان "حتى لا يشيخ الحب".

قد يحصل أن يعاودكَ الحنينُ إلى الجسد ، إلى مجرد جسد ، قد يحصلُ ! إن حصل فتعالَ ! تعال .. لأحبكَ بقلب أقل ! تعال .. لتقبلني بشفتين تعانيان من ضعف في المواطنة ، من قصور في التواصل ! تعال .. سأعصر لك الجسد حتى آخر قطرة حب ، حتى آخر قطرة سم ! تعال .. لن نشيخ وحدنا الليلة ، كل الأشياء الجميلة ستشيخ معنا .. حتى الوطنُ ، حتى الشعرُ ، حتى الحب ! آهاً ! كم هو مؤلم أن يشيخ معنا الحب ! نعم ، الحب ! ذاك الذي وحده كان يشعل لديَّ فتيل الكتابة !

بعد هذه الدواوين غابت ملكية مزان إلى أن سطع اسمها رفقة الناشط الأمازيغي الآخر أحمد عصيد، اللذان جمعت بينهما علاقة حب، انتهت بحب من طرف واحد، فانتقمت مزان لنفسها بسلسلة من الرسائل عبارة عن قصائد إلى أحمد عصيد، فاق عددها العشرين.

ونقرأ من ديوان "العصيديات"، رسائل تقول فيها صاحبتها مزان ما عجزت عن قوله في حضرته، هذه القصائد بدأت بعناوين لا تحيل مباشرة على أحمد عصيد، حيث اختارت الشاعرة لغة التلميح، فبدأت القصيدة الأولى بعنوان "إلى مثقف أمازيغي"،والثانية بعنوان "إلى أ.ع"، غير أن رسائل القصائد غير المشفرة جعلت ذكر المعني بالأمر غيض من فيض، ففاضت قريحة الشاعرة بسيل من القصائد.

ينتهي الحب ... لن أبعث لكَ بكامل وجعي إذ انتهى الحب : ـ " عزيزي ،هل تدري ، إذ انتهى الحب واستجمع سريري كل شجاعته لطردك من عطره ومن دفئه ، هل تدري أني مفلسة بعدكَ صرتُ كأيما صدفة هزمها البحر ؟ ". ينتهي الحب ... لن أعزف لك ، إذ انتهى الحب ، إحدى سمفونيات اكتئابي : ـ " عزيزي .. متى نتصالح ، فمنذ أن تخاصمنا وأنا جوزة هند تائهة ؟ " .

وتظل مليكة تناجي حبيبها بقصيدة أخرى، مستعملة قاموس النضال والثورات، فتقول:

ويبقى لتصحيح الثورة ، ثورتنا أنا وأنت .. أن لا بد من أخلاق للثورة ... أن لا بد من أن تتجاوز مفهوم ذاك الحب الذي لا يقنعك دينه إلا ما بعد منتصف الليل .. فتمر بي كما يمر بأي عاهرة ، متسللاً إلى نعيم سريرها ، أي مكتو بجحيم هذا الوطن .

يمتزج الديني بالجنسي في كثير من الأسطر الشعرية وكأن بينهما صراعا من نوع ما، تقول مثلا: "مضاجعة الفكرة بديلا عن أيما رب". محاولة بذلك تهشيم الصورة النمطية التي كرسها التاريخ الشعري، العربي منه والمكتوب بالعربية؛ تقول: "سبحان أنثاي وتعالت عما يرومون"، وتقول أيضا: "من إذا اتخذ غير الأنثى دينا لا يقبل منه". لتتجرأ للمرة الأولى لتغيير مفاهيم الجنس الذكورية وتقول إن النهد هو "اليقين فلندخل فيه أفواجا".

في 23/09/2017 على الساعة 16:00